الفراقُ شديدٌ، وأشدُّه ألا يَعْقُبَه وصال، وفراقُ المشركين كذلك لأنه قال: {إنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: 48].ويقال مَنْ مُنِيَ بفراق أحبائه فبئست صحبته. وقد كان بين الرسول عليه السلام وبين أولئك المشركين عهد، ولا شكَّ أنهم كانوا قد وطَّنوا نفوسَهم عليه، فنزل الخبرُ من الغيب بغتةً، وأتاهم الإعلامُ بالفرقةِ فجأةً، فقال: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1]، أي هذه براءة من الله ورسوله، كما قيل:فَبِتَّ بخيرٍ- والدُّنَى مطمئنةٌ *** وأصبحتَ يوماً والزمانُ تَقَلَّبَاوما أشدَّ الفُرقةَ- لا سيَّما إذا كانت بغتةً على غير تَرَقُّبٍ- قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ} [مريم: 39] وأنشدوا:وكان سراجُ الوصلِ أزهر بيننا *** فهبَّتْ به ريحٌ من البَيْن فانطفا